الأحد، 15 يناير 2012

عامل الزمن

في فترة الشباب، الجميع يطمحون ويحلمون بالمستقبل الذي ينتظرهم، يضعون الأهداف والخطط قَصُر مداها أو طال، يحاولون تحديد العقبات التي ستواجهم أثناء مسيرتهم، يحاولون توقع العوامل والمتغيرات التي قد تعيق تقدمهم، يتوقعون كل شيء لكن غالباً ما ينسوا أحد المؤثرات! ربما هم لم ينسوه فعلاً إنما اعتبروا أن قيمته ستكون ثابتة وكما هي الآن!

الزمن! الزمن كالعديد من الأشياء لا يشعر الناس بتأثيرها إلا إذا مروا بها فعلياً، لهذا دائماً ما يقع الشباب في هذا الخطأ واعتبار أن أثر الزمن هو صفر دائماً!

بالرغم من أنك لن تستطيع التنبؤ بتأثير الزمن عليك بدقة، ولن تعرف متى أو كيف ستحدث التغييرات، يجب أن تضع في ذهنك دائماً أنك بعد خمس سنوات -فقط ليس أكثر- لن تكون كما أنت الآن! قواك الجسدية لن تكون كما هي الآن! أسنانك، قدرتك على الرؤية، مفاصلك لن يكونوا كما هم الآن! تلك الفتاة الجميلة في بداية العشرينات من عمرها لن تكون كما هي الآن بعد خمس سنوات! حتى أن حماسك وطاقتك الداخلية لن يكونا كما هما الآن!

أعد النظر في مخططاتك، ضع في حسبانك أثر تغير الزمن عليك -أو على الأقل حاول أن تفعل!- ... والأهم، أمّن لنفسك مصدر طاقة داخلية متجدد، فلا يهم كم سيكون عمرك، ولا قدرتك الجسدية، ولا حتى ما ستؤول إليه ظروفك، فكل هذه الأشياء ستستطيع التعامل معها لاحقاً، لكن ما يهم فعلاً هي روحك وطاقتك الداخلية، إذا فَتُرَت أو نضبت، فقد شِبْتَ ولو كنت شاباً!

الجمعة، 13 يناير 2012

الغربة يُتمٌ مؤقت!

السفر أو الاغتراب بعيداً عن الأهل والأصدقاء يعد غربة ولو كان في نفس البلد، قيل قديماً أن للسفر سبعة فوائد، لكن يبدوا أن تلك فقط التي يمكن حصرها! لا أستطيع إنكار -أو حتى حصر- الفوائد التي حصلت عليها في ما يزيد عن ثمانية أشهر بعيداً عن البيت، لكن ربما أكثر الأشياء التي تنبهت إليها هي أن "الغربة يُتم مؤقت"!

خصوصاً في حالة مثل الجيش (أداء الخدمة العسكرية) عندما لا تستطيع التواصل مع أهلك لفترات طويلة وبالكاد تختلس مكالمة تليفونية بين حين وآخر.

سابقاً سخرت (وما زلت!) من هؤلاء الذين بكوا في أول زيارة أثناء مركز التدريب (الذي يسبق مدة أداء الخدمة العسكرية) عندما رأوا أهلهم، وأتساءل، لم يمض إلا أسبوعاً واحداً ويتصرفون هكذا؟

لم تكن النقطة أبداً في البكاء لأنني مقتنع تماماً أن البكاء يغسل الروح قبل العيون، ولم يكن يوماً انتقاصاً من أحد، لكن لما هم يبكون أصلا؟ هل فعلاً يبكون لفراق أهلهم؟ (ولم أعتقد ذلك لأنه بالكاد مر أسبوع واحد!) أم لأنهم سيفتقدون أسرتهم الوثيرة وحياتهم المدنية الرغيدة؟

الآن وبعد ما يزيد عن ثمانية أشهر من أداء الخدمة العسكرية، أشعر برغبة عارمة في البكاء، ليس بسبب الحياة العسكرية لإنها ومع صعوبتها استمتعت كثيراً بالفترة الماضية بسبب كمية المهارات التي اكتسبتها وصقلتها والخبرات الكثيرة التي حصلت عليها في فترة قليلة، لكن ولأول مرة أشعر بهذا الاشتياق لأهلي!

في الواقع، الأمر يتعدى الاشتياق أو الوحشة، الأمر غريب نوعاً ما، فجأة مر أمام نظري لقطات من كل مراحل حياتي (لا، لم أكن أحتضر أو شيء كهذا، فقط كنت مسترخياً D:)، في لحظة أدركت بشكل أكبر وأعمق من أي وقت مضى قدر العناء والمشقة اللذان تحملانهما والدّي في تربيتنا!

لم أكن قط ابناً عاقاً أو متعباً في التربية -على حد قول والدّي- لكن ككل الأبناء، أغضبت والدّي، وتصرفت بشكل غير لائق، وغيرها من الأشياء التي يفعلها كل الأطفال تقريباً، لكن مع ذلك كان رد فعل والدّي في الكثير من المواقف -وها أنا أدرك ذلك الآن- أقرب للمثالية بالنظر للعديد من المعطيات وبالنظر إلى تصرفات الكثير من الأهالي الآخرين، بل وبالنظر إلى سلوكي كطفل حينها والذي يعد مبالغاً فيه (ربما هكذا هم كذلك كل الأطفال ... لا أدري).


وبالرغم من اني لطالما فعلت، لكن حالياً أقدرهما أكبر وأكثر من أي وقت مضى ... الآن أريد أن أحتضن كلاً منهما حضناً عميقاً جداً، أشكرهم كثيراً وأبكي وأعتذر لهما عن أي شيء سيئ قد أكون فعلته يوماً.

ربنا يرزقهم الصحة وطول العمر ... آمين آمين آمين.